جريح القلب
عدد الرسائل : 37 العمر : 38 تاريخ التسجيل : 29/10/2008
| موضوع: اختلاف النصاري في شخصية المسيح الإثنين نوفمبر 03, 2008 11:05 pm | |
|
اختلاف فرق النصارى في شخصية المسيح قالوا والذي ولدته مريم وعاينه الناس وكان بينهم هو الله وهو ابن الله وهو كلمة الله ، فالقديم الأزلي خالق السموات والأرض هو الذي حبلت به مريم وأقام هناك تسعة أشهر ، وهو الذي ولد ورضع وفطم وأكل وشرب وتغوط وأخذ وصلب وشد بالحبال وسمرت يداه. ثم اختلقوا : فقالت اليعقوبية - أتباع يعقوب البرادعي ولقب بذلك لأن لباسه كان من خرق برادع الدواب يرقع بعضها ببعض ويلبسها – إن المسيح طبيعة واحدة من طبيعيتين : إحداهما .. طبيعة الناسوت والأخرى .. طبيعة اللاهوت ، وأن هاتين الطبيعتين تركبتا فصار إنساناً واحداً وجوهراً واحداً وشخصاً واحداً ، فهذه الطبيعة الواحدة والشخص الواحد هو المسيح ، وهو إله كله ، وإنساه كله ، وهو شخص واحد ، وطبيعة واحدة من طبيعتين وقالوا : إن مريم ولدت الله ، وإن الله سبحانه قبض وصلب وسمر ومات ودفن ثم عاش بعد ذلك. وقال الملكية – وهي الروم نسبة إلى دين الملك ، لا إلى رجل يدعى ملكانياً هو صاحب مقالتهم كما يقوله بعض من لا علم له بذلك – إن الابن الأزلي الذي هو الكلمة تجسدت من مريم تجسداً كاملاً كسائر أجساد الناس. وركبت في ذلك الجسد نفساً كاملة بالعقل والمعرفة والعلم كسائر أنفس الناس، وأنه صار إنساناً بالجسد والنفس اللذين هما من جوهر الناس ، وإلهاً بجوهر اللاهوت كمثل أبيه لم يزل ، وهو إنسان بجوهر الناس مثل إبراهيم وموسى وداود ، وهو شخص واحد لم يزد عدده ، وثبت له جوهر اللاهوت كما لم يزل ، وح له جوهر الناسوت الذي لبسه من مريم ، وهو شخص واحد لم يزد عدده وطبيعتان ، ولكل واحدة من الطبيعتين مشيئة كاملة ، فله بلا هوته مشيئة الأب ، وله بناسوته مشيئة إبراهيم وداود. وقالوا : إن مريم ولدت المسيح وهو اسم يجمع اللاهوت والناسوت. وقالوا : إن الذي مات هو الذي ولدته مريم ، وهو الذي وقع عليه الصلب والتمير والصفع والربط بالحبال ، واللاهوت لم يمت ولم يألم ولم يدفن.
قالوا : وهو إله تام بجوهر لا هوته ، وإنسان تام بجوهر ناسوته ، وله المشيئتان : مشيئة اللاهوت، ومشيئة الناسوت ، فأتوا بمثل ما أتى به اليعقوبية من أن مريم ولدت الإله إلا انهم بزعمهم نزهوا الإله عن الموت وإذا تدبرت قولهم وجدته في الحقيقة هو قول اليعقوبية مع تنازعهم وتناقضهم فيه ، فاليعقوبية أطرد لكفرهم لفظاً ومعنى. وأما النسطورية فذهبوا إلى القول بأن المسيح شخصان وطبيعتان لهما مشيئة واحدة ، وأن طبيعة اللاهوت لما وجدت بالناسوت صار لهما إرادة واحدة ، واللاهوت لا يقبل زيادة ولا نقصاناً ولا يمتزج بشئ ، والناسوت يقبل الزيادة والنقصان ، فكان المسيح بذلك إلهاً وإنساناً ، فهو الإله بجوهر لللا هوت الذي لا يقبل الزيادة والنقصان ، وهو إنسان بجوهر الناسوت الذي يقبل الزيادة والنقصان. وقالوا : إن مريم ولدت المسيح بناسوته وإن اللاهوت لم يفارقه قط. وكل هذه الفرق استنكفت أن يكون المسيح عبد اله وهو لم يستنكف من ذلك ، ورغبت به عن عبودية الله وهو لم يرغب عنها بل أعلى منازل العبودية عبودية الله ، ومحمد وإبراهيم خير منه ، وأعلى منازلهما تكميل مراتب العبودية فالله رضيه أن يكون له عبداً فلم ترض المثلثة بذلك. وقالت الآريوسية منهم وهم أتباع آريوس : إن المسيح عبد الله كسائر الأنبياء والرسل ، وهو مربوب مخلوق مصنوع ، وكان النجاشي على هذا المذهب. وإذا ظفرت المثلثة بواحد من هؤلاء قتلته شر قتلة ، وفعلوا به ما يفعل ممن سب المسيح وشتمه اعظم سب. والكل من تلك الفرق الثلاث عوامهم لا تفهم مقالة خواصهم على حقيقتها ، بل يقولون إن الله تخطى مريم كما يتخطى الرجل المرأة وأحبلها فولدت له ابناً ، ولا يعرفون تلك الهذيانات التي وضعها خواصهم ، فهم يقولون : الذي تدندنون حوله نحن نعتقده بغير حاجة منا إلى معرفة الأقاليم الثلاثة من الطبيعتين والمشيئتين ، وذلك للتهويل والتطويل ، وهم يصرحون بأن مريم والدة افله ، والله أبوه ، وهو الابن فهذا الزوج ، والولد وقالوا اتخذ الرحمن ولدا * لقد جئتم شيئا إدا * تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا * أن دعوا للرحمن ولدا * وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا * إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا * لقد أحصاهم وعدهم عدا * وكلهم آتيه يوم القيامة فردا . فهذه أقوال أعداء المسيح من اليهود والغالين فيه من النصارى والمثلثة عباد الصليب فبعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم بما أزال الشبهة في أمره وكشف الغمة ، وبرأ المسيح وأمه من افتراء اليهود وبهتهم وكذبهم عليهما ونزه رب العالمين وخالق المسيح وأمه بما افتراه عليه المثلثة عباد الصليب الذين سبوه أعظم السب. فأنزل المسيح أخاه بالمنزلة التي أنزله الله بها ، وهي أشرف منازله ، فآمن به وصدقه ، وشهد له بأنه بعد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول الطاهرة الصديقة سيدة نساء العالمين في زمانها ، وقرر معجزات المسيح وآياته ، وأخبر عن ربه تعالى بتخليد من كفر بالمسيح في النار وأن ربه تعالى أكرم عبده ورسوله ونزهه وصانه أن ينال إخوان القردة منه ما زعمته النصارى أنه نالوه منه ، بل رفعه إليه مؤيداً منصوراً لم يشكه أعداؤه بشوكة ، ولا نالته أيديهم بأذى ، فرفعه إليه وأسكنه سماءه وسيعيده إلى الأرض ينتقم به من مسيح الضلال وأتباعه ، ثم يكسر به الصليب ، ويقتل به الخنزير ، ويعلي به الإسلام ، وينصر به ملة أخيه وأولى الناس به محمد عليهما أفضل الصلاة والسلام. فإذا وضع هذا القول في المسيح في كفة وقول عباد الصليب المثلثة في كفة تبين لكل من له أدنى مسكة من عقل ما بينهما من التفاوت ، وأن تفاوتهما كتفاوت ما بينه وبين قول المغضوب عليهم فيه ، وبالله التوفيق. فلولا محمد صلى الله عليه وسلم لما عرفنا أن المسيح ابن مريم الذي هو رسول الله عبده وكلمته وروحه موجود أصلاً ، فإن هذا المسيح الذي أثبته اليهود من شرار خلق الله ليس بمسيح الهدى. والمسيح الذي أثبته النصارى من أبطل الباطل لا يمكن وجوده في عقل ولا فطرة . ويستحيل أن يدخل في الوجود أعظم استحالة ، ولو صح وجوده لبطلت أدلة العقول ولم يبق لأحد ثقة بمعقول أصلاً ، فإن استحالة وجوده فوق استحالة جميع المحالات ، ولو صح ما يقولون لبطل العالم واضمحلت السموات والأرض وعدمت الملائكة والعرش والكرسي ولم يكن بعث ولا نشور ولا جنة ولا نار ولا يستعجب من إطباق أمة الضلال الذين شهد الله أنهم أضل من النعام على ذلك فكل باطل في الوجود ينسب إلى أمة من الأمم فإنها مطبقة عليه ، وقد تقدم ذكر إطباق الأمم العظيمة التي لا يحصيها إلا الله على الكفر والضلال بعد معاينة الآيات البينات ، فلعباد الصليب أسوة بإخوانهم من أهل الشرك والضلال. | |
|