emadon مشرف
عدد الرسائل : 118 العمر : 37 الموقع : http://3shakelkora.hooxs.com/ البلد : egypt تاريخ التسجيل : 07/02/2009
| موضوع: ماما فاطمة الأحد مارس 08, 2009 9:56 pm | |
| باب الخلق
محمود سعد
إذا لم تطلب زوجتي الطلاق في هذه الواقعة العجيبة..
فمتي تطلبه إذن؟!
قلت في نفسي وأنا في هذا الموقف شديد الإحراج.
الآن سوف تقول بأعلي صوت: طلقني.
لكنها.. ابتسمت وشدت اللحاف وراحت في نوم عميق.
والحكاية.. أنني بعد مكالمة طويلة مع إبراهيم عيسي.. وبعدما اتفقنا علي أن أكتب معه في الجريدة يومياً ــ ولا أعرف كيف أخذ مني الموافقة ــ بدأنا النقاش حول عنوان المقال.. قال وقلت وقال وقلت.. ثم استقر الرأي عند «باب الخلق».
والتعبير يحتمل الكثير.. باب الخلق هو الحي الذي عشت فيه حياتي ومازلت.
عرفت فيه الجدعنة والشهامة والرجولة..
الشقاوة واللعب وأكل الدوم وشرب حمص الشام..
وعرفت فيه الحب الأول.. أول عيون جميلة طاردتها وسرحت فيها.. ولا تضحكوا كان ذلك وأنا في الصف الثالث أو الرابع الابتدائي.. بنت الجيران.. كانت ساحرة..
باب الخلق.. جدتي.. كل الحي.. شارع الاستئناف ودرب سعادة.. الجميع يقول: ماما فاطمة.. أطيب سيدة عرفتها.. وهي التي ذهبت إليها يوم نشر لي أول موضوع في مجلة «صباح الخير» وكان ذلك في أواخر السبعينيات.
وما كان من ماما فاطمة إلا أن أمسكت بالمجلة وبحثت عن اسمي ومضت تقبله بكل الحب والحنان.
كلما تذكرت جدتي.. أغضب كثيراً من فكرة الموت.. لقد اشتقت إلي جدتي كثيراً.. كانت هي الحنان والعطاء والكفاح والصبر والبسمة في عيون جميع أفراد العائلة..
ومن ماما فاطمة.. إلي المعني الأشمل.. للعنوان.. باب الخلق.. هكذا سوف أحاول أن أجعل سطوري في هذا الباب أو المكان عن الخلق.. عن الناس الغلبانة المطحونة..
وأيضاً عن الناس السخيفة المتغطرسة المليئة بالشر، هؤلاء أصحاب القلوب الصخرية.. وللأسف زادوا وانتشروا وسيطروا علي أشياء كثيرة في الحياة.
الغلابة والأشرار.. هم الخلق الذين أمضي معهم ومعكم.. وكم تمنيت أن يسمح في الكتابة باستخدام ألفاظ «قبيحة» لأن من هؤلاء من لا يجب أن ننقده باحترام.. بل يجب أن نلعن....
واستقر الرأي مع «عيسي» علي باب الخلق.. وسعدت بالاختيار.. وعدت إلي بيتي في المساء.. وكالعادة.. جلست أمام زوجتي أحكي ما حدث.. وقلت وقلت ثم قلت بفرحة.
عارفة يا نجلا سميت الباب إيه؟!
فقالت بابتسامة: إيه؟
قلت: باب الخلق.
قالت بهدوء تحسد عليه: جميل قوي.. ده أحسن اسم.. لأن كل أصحابك من هناك.
وغاصت في اللحاف.
وبعد لحظات.. ويبدو أنها تذكرت شيئاً.. إذ تزيح اللحاف عن رأسها وتقول: محمود أنت عارف اسم الباب بتاعي إيه؟!
يا خبر أسود.. إيه الإحراج ده.. مراتي تكتب في «الدستور» منذ عامين تقريباً ويومياً.. وأنا أقرأ «الدستور» يومياً.. يارب انقذني..
وإذا بصوت إحدي بناتي من الصالة المجاورة تقول بضحكة عالية جداً: خلق الله.
فقلت: اسم الباب بتاعك «خلق الله».. وأنا سميت بابي «باب الخلق» ده خبر أسود تاني..
وغاصت زوجتي في اللحاف.. وظللت أنا في خيبتي وإحراجي.. إزاي عملت كده.. وده ينفع.. وسريعاً كانت الإجابة من داخلي.. زوجتي طيبة ولن تغضب وهي تعرف اهتماماتي وتعرف أن الاهتمامات بيننا واحدة.. خلاص هي جارتي في «الدستور» تكتب عن خلق الله.. وأنا في صفحة مجاورة.. أكتب باب الخلق..
وكانت الخسارة الكبيرة في هذه الواقعة التي أثبتت أنني زوج خايب ولا أهتم بزوجتي.. الخسارة أنها لم تطلب الطلاق.. ولا أظن أنها ــ للأسف ــ سوف تطلبه أبداً.
>>>
من يطارد عصفورين
يفقدهما جميعاً.
التعليقات
|
|
| |
|