آذَنَتْ هِنْدٌ بِبَيْنٍ مُبْتَكِرْ |
|
وحذرتُ البينَ منها، فاستمرّ |
|
أَرْسَلَتْ هِنْدٌ إلَيْنَا نَاصِحاً |
|
بَيْنَنَا: إيتِ حَبيباً قَدْ حَضرَ |
|
فاعلمنْ أنّ محباً زائرٌ، |
|
حِينَ تُخْفَى العَيْنُ عَنْهُ والبَصَرْ |
|
قُلْتُ: أَهْلاً بِكُمُ مِنْ زَائِرٍ |
|
أَوْرَثَ القَلْبَ عَناءً وَذِكَرْ |
|
فتأهبتُ لها، في خفية ٍ، |
|
حينَ مالَ الليلُ واجتنّ القمر |
|
بينما أنظرها في مجلسٍ، |
|
إذْ رَمَانِي اللَّيْلُ مِنْها بِسَكَرْ |
|
لَمْ يَرُعْني بَعْدَ أَخْذي هَجْعَة |
|
غَيْرُ ريحِ المِسْكِ مِنْها والقُطُرْ |
|
قُلْتُ: مَنْ هذا؟ فَقَالَتْ: هكذا |
|
أَنَا مَنْ جَشَّمْتَهُ طُول السَّهَرْ |
|
ما أَنَا والحُبُّ قَدْ أَبْلَغَني |
|
كَانَ هَذا بِقَضَاءٍ وَقَدَرْ |
|
لَيْتَ أَنِّي لَمْ أَكُنْ عُلِّقْتُكُمْ |
|
كلَّ يومٍ أنا منكمْ في عبر |
|
كلما توعدني، تخلفني، |
|
ثُمَّ تَأْتي حِينَ تأْتي بِعُذُرْ |
|
سَخِنَتْ عَيْني لَئِنْ عُدْتَ لَهَا |
|
لتمدنّ بحبلٍ منبتر |
|
عَمْرَكَ کللَّهُ أَما تَرْحَمُني |
|
أَم لَنا قَلْبُكَ أَقْسَى مِنْ حَجَرْ |
|
قلتُ، لما فرغتْ من قولها، |
|
ودموعي كالجمان المنحدر: |
|
أنتِ، يا قرة َ عيني، فاعلمي، |
|
عِنْد نَفْسي عِدْلُ سَمْعي وَبَصَرْ |
|
فاتركي عنكِ ملامي، واعذري، |
|
وکتْرُكي قَوْلَ أَخي الإفْكِ الأَشِرْ |
|
فَأَذَاقَتْني لَذيذاً خِلْتُهُ |
|
ذَوْبَ نَحْلٍ شِيبَ بالماءِ الخَصِرْ |
|
وَمُدَامِ عُتِّقَتْ في بابِلٍ |
|
مِثْلِ عَيْنِ الدّيكِ أَوْ خَمْرِ جَدَرْ |
|
فتقضتْ ليلتي في نعمة ٍ، |
|
مَرَّة ً أَلْثَمُها غَيْرَ حَصِرْ |
|
وأُفَرّي مِرْطَها عَنْ مُخْطَفٍ |
|
ضامرِ الأحشاءِ، فعمِ المؤتزر |
|
فَلَهَوْنَا لَيْلَنا حَتَّى إذا |
|
طَرَّبَ کلدِّيكُ وَهَاجَ المُدَّكِرْ |
|
حَرَّكَتْني ثُمَّ قَالَتْ جَزَعاً |
|
ودموعُ العين منها تبتدر: |
|
قمْ صفيَّ النفس، لا تفضحني، |
|
قَدْ بَدا الصُّبْحُ وَذَا بَرْدُ السَّحَرْ |
|
فَتَوَلَّتْ في ثَلاثٍ خُرَّدٍ |
|
كَدُمَى الرُّهْبانِ أَوْ عَينِ البَقَر |
|
لستُ أنسى قولها، ما هدهدتْ |
|
ذَاتَ طَوْقٍ فَوْقَ غُصْنٍ مِنْ عُشَرْ |
|
حينَ صَمَّمْتُ عَلَى ما كَرِهَتْ |
|
هَكَذَا يَفْعَلُ مَنْ كانَ غَدَرْ |
|